السبت، ١٨ مايو ٢٠١٣

الكتابة في زمن الخماسين

كتب ـ أسـامة فـرج:

ميادينك يا مصر‏..‏ تحت هذا العنوان صدركتاب للشاعر مجدي بكري‏,‏ و‏(‏الشاعر‏)‏ هو اللقب الذي ينادي به مجدي في الدور الثالث من الأهرام حيث نعمل جميعا ونقيم منذ عرفنا الأهرام والصحافة بحلوها ومرها‏.
الشاعر مجدي بكري
وبكتابه هذا ارتفع رصيده من الكتب إلي ثلاثة كتب بدأها بديوان شعر تحت عنوان( مقاطع من موسيقي الحجارة) ثم بمجموعة قصصية( عروس بلا زفاف) ثم ها هو الثالث( ميادينك يا مصر) ويضم عشرين نصا أدبيا, منها قصص قصيرة ومنها مقالات قصصية وتأملات في واقعنا السياسي والأدبي والفني.. يعني خلطة من الكتابة تتلاءم مع طبيعة مرحلة اللهاث التي نعيشها حيث لا فرصة لالتقاط الأنفاس, ولا يكاد المرء يقف أمام فكرة حتي تهتز بعنف وتتمخض عنها أفكار أخري لا تمت لها بصلة, فتختلط المشاعر والرؤي ولا يدري المرء كيف يمكنه أن يعبر, فترانا نصرخ أحيانا في شبه مقال, أو نبرطم في شبه قصيدة, او شبه قصة, وكثيرا ما نستعذب الهذيان بكلام لا ينتمي لأي صنف من أصناف الكتابة.. فلك العذر يا صديقي بل لك تحية إكبار أن استطعت في هذا المناخ الخماسيني المغبرالعاصف أن تتنفس وأن تكتب.. يا لك من رجل مخلص للكتابة, ويا لك من رجل شجاع قوي القلب والرئتين..

عروس بلا زفاف - مجموعة قصصية للشاعر مجدي بكري

في مناخ مغاير يا مجدي عبر الرائد الكبير توفيق الحكيم عن الموضوع الذي عبرت عنه في مقالك القصصي( ميادينك يا مصر) فكتب رواية( عودة الروح) ويقيني أنه لو كان يكتب في زمانك هذا لجاءت كتابته شبيهة بكتابتك, ولو كان زمانك يا صاحبي مثل زمانه لكتبت مثل كتابته, هو كتب في زمان متضح فعبر عن ثورة1919 من خلال عمل روائي واضح الاركان, فيه شخصيات واضحة,ومواقف واضحة, والهدف معروف وواضح للجميع ومتفق عليه, وما كان باستطاعة كاتبنا الكبير نحت شعار الثورة( الكل في واحد) ما لم يكن يري بوضوح تحقق الشعار علي أرض الواقع.. كان الرجل صادقا فيما كتب, وانت أيضا يا مجدي كنت صادقا وأنت تنحت شعار( بعضي يمزق بعضي) لتعبر به عن أحوالنا بعد ثورة يناير,

ميادينك يا مصر - للشاعر مجدي بكري

وكنت صادقا وانت تعبر عن الواقع الخماسيني الذي نعيش فيه فجاءت كتابتك عنه خماسينية مثله, فلا هي قصة ولا هي مقال, كتابة عاصفة مثل زمانها العاصف غير المستقر, شخصيات مقالك القصصي تشبه زمانها, متعجلة مثله, غير مستقرة مثله, حائرة وفاقدة لليقين والهدف, ومعبرة بالتمام عن زمانها الفاقد لليقين والهدف, هي مثل زمانها مراوغة, محيرة, ومحتارة بين الميادين تصرخ هنا بما تصرخ بنقيضه هناك, تريد أن تقول كل شيء فلا تقول شيئا.. ولك العذر يا صاحبي فقد جازفت بالكتابة عن ثورة يناير وانت وسط العاصفة وأظن أن بعض الصبر علي الفكرة سينتج عنه عمل أدبي جيد, وأظن أن الكتابة الأدبية عن الثورة ــ أي ثورة ــ تحتاج لوقت حتي تهدأ العواصف ويتحقق بعض الصفاء اللازم لأتقان الصنعة, فالفن ــ أي فن ــ هو صنعة, وتوفيق الحكيم نشر( عودة الروح) عام1933 أي بعد ثورة1919 بسنوات كافية لإنضاج الفكرة وصفاء الرؤية, ويقيني يا صاحبي أن ثورة يناير ــ وأي ثورة ــ هي بنت لفكر وثقافة وفنون, كما انها وبالضرورة ستكون أما لفكر وثقافة وفنون, فاصبر يا مجدي علي فكرتك, وسيأتي الوقت الذي تفرح فيه ونفرح معك بالمولود الجميل المكتمل..



0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : ق,ب,م