عــدت في الثالثة صباحا الي قصري الكبير في بين القصرين وانا أرتدي القفطان
الأسود فوق الجلباب الأبيض الناصع والطربوش الأحمر الجميل ..
لقد كانت سهرة حمراء في بيت الراقصة اللولبية الشهيرة
جدا قضيتها أنا وشلة الأنس في
عوامتها بالكيت كات .. فتحت الباب بثقة وقذفت العصا جانبا
وصرخت بقوة:
ـ
أمينة... إنتي فين يا أمينة؟!
هرولت
زوجتي مسرعة نحوي تخلع عني القفطان
والحذاء والجورب وتعلق العصا علي الشماعة قائلة باستكانة:
ـ
معلهشي يا سي مجدي سامحني .. عنيا غفلت في النوم وانا
مستنياك في الحرملك.
جلست
بشموخ وكبرياء وأنفة علي الكرسي الكبير في السلاملك وأسرعت هي
بإحضار الطشت الذي يحتوي علي ماء دافئ وملح خفيف (وذلك كما
تعودت كل يوم عند عودتي) لراحة قدماي وجلست علي الأرض تدلك
أصابع قدمي برفق.
صرخت
فيها مرة أخري : هوا انتي لسه ماحضرتيش الأكل يا أمينة؟!
ـ
العشا جاهز جوا علي السفرة يا سي مجدي وسخن كمان .. أم
حنفي لسه حطاه دلوقتي.
... وأنا أتناول الطعام سألتها (بحدة):
ـ
العيال اتعشوا يا أمينة؟
ـ
طبعا يا سي مجدي .. جم من كلياتهم واتغدو وذاكروا وبعدين
اتعشوا وناموا الساعة تسعة بعد ما صلوا العشا.
سألتها
(بتكشيرة) :حد سأل عليا النهارده؟
ـ شفيق أفندي جه وسابلك إيراد محلات
العطارة في ظرف حطيتهولك علي الكومدينو ياسي مجدي وعم حسان جاب إيجار
بيت السكاكيني .. و..
ـ
خلاص خلاص كفاية!
كانت
واقفة خلفي تنتظر انتهائي من تناول الطعام ..
قلت
مزمجرا:
ـ
هوا كل يوم الديك الرومي والحمام المحشي بالفريك والمحمر
والمشمر ده يا أمينة؟
ـ
كله من فضلة خيرك .. كل يا سي مجدي ورم عضمك بالهنا
والشفا.. انت بتشقي علشانا ياخويا.
وبعد
أن انتهيت من عشائي اسرعت هي وأم حنفي تجمعان الأطباق .. ثم
ذهبت الي غرفة النوم وأسرعت أمينة خلفي حاملة المبخرة قائلة
وهي تدور حولي بها:
ـ
اسم النبي حارسك وصاينك ياسي مجدي.. رقيتك واسترقيتك من كل
عين شافتك ولا صلتشي علي النبي..
ـ
كفاية يا أمينة دخان البخور خنقني
ـ
حاضر يا سي مجدي.. الحمام جاهز ياسي مجدي
.. أخذت حمام الماء الساخن وصعدت إلي السرير
النحاسي الجميل لأسترخي عليه بعد عناء يوم طويل..
..............
فجأة.. سمعت صوتا قويا مندفعا متدفقا
متواصلا متفجرا مزمجرا مهددا متوعدا:
ـ
هوا انتا لسه نايم .. قوووووم..
الساعة سبعة ونص .. هانتأخر ع الشغل.. كمان لسه هـاتتمطع..
انا حاسبقك علي الشغل .. إعملك سندوتشين.. الجبنة في التلاجة
والفينو علي السفرة .. أوعي تنام تاني .. ياللا باي.
.. كان عبد الوهاب يغني(بروقان) في راديو الجيران
: إمــتي الزمـــاااان يرجـــع يا جميــل!!
..قلت في نفسي: إمتي صحيح!
نشرت في الأهرام الطبعة العربية في 28 / 12 / 2007
0 التعليقات:
إرسال تعليق