وانا
أتابع قنوات التليفزيون المختلفة أنباء الاعتداء الغاشم الذي
شنه تحالف الشر علي العراق الشقيق,
فوجئت ببرنامج في القناة الثانية يجري تغطية لنموذج
محاكاة الكونجرس الأمريكي يتم تنظيمه في جامعة القاهرة منذ
سنوات, حيث يقوم فيه الطلاب
بدور نواب الكونجرس ويتحدثون فيه باللغة الانجليزية متقمصين فيه
شخصية وآراء هؤلاء النواب. ولو كان الأمر قائما علي مبدأ
اعرف عدوك لكان هذا المشروع جيدا ومطلوبا.. لكن الذي لاحظته
من خلال حوار المذيعة بهؤلاء الطلاب ان لديهم انبهارا
بالنموذج الأمريكي الذي يمثل قمة الديمقراطية في العالم.. وهنا
تمكن الخطورة فنحن نشارك في تسويق هذا الوهم اضافة الي الأفلام الأمريكية
(التي يفرضها علينا التليفزيون) والتي تصنع صورة وهمية
للجندي والسياسي الأمريكيين
والحياة المختلفة التي يعيشها الأمريكيون..
هل حاول القائمون علي هذا النموذج توعية الطلاب
عن دور اللوبي اليهودي في التأثير والسيطرة علي رجال الكونجرس
واتخاذ القرارات التي تخدم اسرائيل فقط؟ .. هل ألقوا الضوء علي دور الشركات
العملاقة ومصالحها التي تتخفي وراء هذا النموذج البراق.. هل
ما زلنا نعيش في وهم أن أمريكا هي قلعة الديمقراطية في
العالم بعد ما رأيناه من قمع للصحفيين والمصورين (لعل آخره
فصل الصحفي بيتر آرنيت بعد أن أدلي بحديث الي التليفزيون
العراقي وصف فيه خطة الحرب بأنها فاشلة), وما تقوم به السلطات الأمريكية من
حجر علي الأنباء والرقابة في أبشع صورها لمنع وصول الحقيقة
الي الرأي العام؟ هل الديمقراطية هي في القبض علي الآلاف من
المتظاهرين ضد الحرب .. هل هي في تحدي الرأي العام العالمي
الكاسح ضد الحرب .. هل هي في الضغط علي تركيا وتهديدها بقطع
المعونات لرفض البرلمان التركي السماح للقوات الأمريكية باستخدام
الأراضي التركية للهجوم علي العراق.. هل الديمقراطية تعني دعم
الأنظمة الديكتاتورية والقمعية ما دامت تسير تحت مظلة الحكومة
الأمريكية, ولو خرجت عن المسار
فإنها تقابل بالبطش والتنكيل؟!
هل هي البلطجة الدولية والطمع في ثروات الدول الأخري
ومحاولة نهبها بالقوة المسلحة تحت ادعاءات زائفة؟
الي
متي سيستمر الاستخفاف بعقول الناس بعد أن تكشفت الحقيقة عارية
أمام العالم أجمع دون أي رتوش,
حيث ظهر القبح الأمريكي في أوضح صوره.
ان
الذي يجب أن نلقي عليه الضوء هم هؤلاء الأمريكيون الشرفاء
الذين خرجوا بالآلاف الي الشوارع معربين عن رأيهم في غباء
وعدم جدوي هذه الحرب.. الصحفيون الذين أعلنوا رأيهم صراحة
ووقفوا الي جانب العراق.. المصورون الذين يضحون بحياتهم في
سبيل صورة تعلن الحقيقة. وأخيرا أقول لمن يدرسون الكونجرس
الأمريكي للطلاب.. درسوا لهم مجلس الشعب .. أرحم كثيرا!!
نشرت في جريدة الأهرام في 13 /2003/4
0 التعليقات:
إرسال تعليق