محمد
صبحي فنان متميز وممثل ومخرج جاد له العديد من الأعمال التي
تشهد له بالنجاح.. ولقد انتظرنا جميعا مسلسله فارس بلا جواد
ونحن لا نعلم أي شئ عن محتواه سوي ما رأيناه في نشرات
الأخبار من مظاهرات لليهود والأمريكان أمام السفارة المصرية
يطالبون بمنع عرض المسلسل لأنه يناقش ضمن أحداثه بروتوكولات
حكماء صهيون.
أيضا
قرأنا (تصريحات) حاسمة وجريئة للمسئولين عن الإعلام عن عدم
الانصياع لهذه الإدعاءات وان لدينا حرية تعبير ولم يتم منع
المسلسل من العرض ولن تحذف أي أجزاء منه.
وكانت
سعادتنا كبيرة أن هناك عملا عربيا يثير حفيظة اللوبي الصهيوني
فكثيرا ما أهانونا وسبوا رموزنا في أعمالهم المنتشرة في
الغرب, لكننا كنا نكتفي بالرد في جرائدنا أن هذا لا يجوز
وانهم مخطئون وأن الحقيقة كذا وكذا .. وفي معظم الأحوال لا
يسمع صوتنا سوانا!!
وعندما
تم عرض المسلسل وقبل أن تنتهي حلقاته هبت الأقلام (العربية)
تهاجم المسلسل وتصفه بأنه دون المستوي وليس به جديد, وأن
الضجة الإعلامية التي سبقته قد ظلمته كثيرا .. ووصل الأمر أن
قيل أن المسلسل جواد بلا فارس!
.. ووقع الجواد وكثرت السكاكين العربية التي تذبح
فيه, هذا بالإضافة الي الهجوم الغربي والصهيوني الشرس عليه.
وهنا
ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا: ألا يكفي لصبحي شرف المبادرة
باقتحام حقل الألغام هذا والخوض فيه, في الوقت الذي انصرف
فيه غيره إلي الهزل واللعب في المضمون بعيدا عن أي عمل
يجلب عليهم وجع الدماغ؟!
ان
من يراجع تاريخ محمد صبحي يجده فنانا محترما,وعندما خاض
تجربة العمل في السينما وشعر بأنه فشل فيها أو لم يثبت
وجوده لم يتردد في التوقف عن العمل بها واتجه الي المسرح
الخاص ليقدم أعمالا جادة ومحترمة استطاع أن ينافس بها مسارح
القطاع العام في الجدية, في حين أن بعض مسارح القطاع العام
تنافس القطاع الخاص في الهزل والسطحية, فقدم انتهي الدرس يا
غبي والجوكر وتخاريف وهاملت وكارمن وونيس ومن تراث نجيب
الريحاني قدم لنا لعبة الست بل انه
قام بجرأة شديدة بتقديم ثلاث مسرحيات في وقت واحد
بفريق عمل متفاهم ومتعاون ومنسجم.
وكلها
أعمال مسرحية لا يخجل أي أب من أن يصطحب معه زوجته
وأولاده وبناته لرؤيتها, وهو المسرح الوحيد الذي فتح أبوابه
لمحدودي الدخل بأسعار زهيدة تحت شعار المسرح للجميع.
وعندما
اتجه محمد صبحي للتليفزيون فإنه قدم أيضا أعمالا حظيت
بجماهيرية كبيرة لعل أبرزها رحلة المليون وسنبل بعد المليون
ويوميات ونيس وكلها أعمال جيدة شهد لها الجميع, جمهورا
ونقادا.
هذا
كله بالإضافة الي أن محمد صبحي كإنسان يشهد له الجميع
بالالتزام في حياته الخاصة والعامة.
وفي
مسلسله الأخير قدم محمد صبحي عملا جميلا بذل فيه مجهودا
كبيرا ويحتوي علي العديد من المميزات سنراها بوضوح لو نظرنا
للمسلسل بدون هذه المؤثرات الخارجية التي أحاطت به.
ولقد
ناقش المسلسل فترة مهمة أثرت في تاريخ مصر والمنطقة العربية
حيث ركز فيها علي بدايات الصهيونية وقدم دروسا ورسائل موجهة
توضح سماحة الإسلام.. ففي آخر مشهد امتنع عن قتل الأطفال
(وهم الآن يذبحون أطفالنا كل يوم) بالاضافة الي الكثير من
المشاهد المتميزة في المسلسل.
ان
محمد صبحي يستحق منا التقدير ولايستحق هذه الهجمة الشرسة ..
وهذه الضجة الصهيونية لم تأت من فراغ ولكن لأنهم فهموا جيدا
إنه عمل جيد ومؤثر.
نشرت في جريدة الأهرام في 2002/12/28
0 التعليقات:
إرسال تعليق